قبـــــر مهاجــــــر

قبـــــر مهاجــــــر

تقدموا على استحياء و بينهم قـــــــــــــادم *** أتوا به في عجالة قهرا وهو غائب نائـــــــم
و كم هزتني رعشة أحشائه على غفــلة *** لما لامست ثراي ببطيء و هو لي سائــــــم
شعرت بوهن وهشاشة عظمه من خفتـه *** ومن نظرة للشيب لعمره صرت فــــــــــاهم
فــــحز في نفسي وضع حاله و مآ لـــــــــــــه *** امن قريب أم من بعيد أتيت يـــــــــا ابن آدم
أيا جسدا ما آثرت أن تسكنني راضيـــــــــــا *** لو علمت بمرارتي ما كنت لنفسك ظالــم
كم راودك حلم التغـــــــرب في الصبــــــــا ***سعيت له بكل عطش ظمآن وأنت حالـــــــم
ظنا منك انه برغــــــــد العيش ستنعـــــــــم *** بكل جميل و ثراء وجاه ستمسي غانــــــــــم
بعت الأوطان و ابتعت الغربة متعمـــــدا *** افتقدت لريح الانتماء ما عدت لها شامـــــــم
تراميت بين الأحــــــــــــــزان دهرا متألمـــــا ***عزفت عن الأفراح و للحب قاتل وهـــــــادم
فضلت المهجر و تشبثت به زمنـــــــــــــــــــــا ***فعافك هواؤه و ضاق بك فضاؤه الغائــــــــم
ما أنا وطن لك ولاهم أشقــــــــــــــــــــــاؤك ***كم صبوت لحضن احدهم وهولك ضامــــــم
لن تنال المنى أو الصحبة و أنت بينهـــــــم *** تبقى صغير في عينهم ولو كنت لهم خـــــادم
رويدك يا قبر لا تقسى عليه وتوجــــــــع *** أصيل ما يستحق أن تكون له محتقر شاتــــم
سلن فانا جيري من لبلدته انتســـــــــــب *** ما طعمت الغربة بينهم و أنا لأرضهم حاكـــم
ابن الغاسول حر لا تقلل من شانــــــــــــــه *** في رغيف البيض وذكرياته لنا عشرة وقاسـم
لن اصف لك حال أمه رفقــــــــــــــا بـــــــــه *** أشفقت من عذابها وما عهدته لها عاق أو آ ثم
أعدمت البسمة الحـــــــــــرة في ثغرهـــــــا ***حرصت على الدعاء عساه في الكرب له داعم
البس ثوب الحزن و المرارة أعيــــــــــــادها *** وقف الماء في حلقها إذا تذكرت انه صــــائم
لن أعاتب أخاه طــــــــــــــــال انتظـــــاره له *** رضخ للفراق مستسلما و قلبه لحبه كاتـــــم
هجروا القصر القديم انحنى ظهـــــره *** فاضحي يومه مظلم وليله اسود حالك قاتـــم
قالوا بيـــــــــــــوته واسعة لكنها هشــــــــــة *** و طينه احمر باهت لونه فهو ذليل عاتــــم
جفت الساقية و تشققت بعد رحيلهـــم *** لن يعانق ماؤها التين أو لجذره سيلاطــــــم
فلن تجد في البستان إلا نعناع اخضـــــر *** مخلص صامد فهو إلى الآن وافق و جاثـــم
لم يبقى من رفقة الصبى إلا شيـــــــوخ *** منهم من لقي ربه و منهم من مازال له قائـــم
هجرت عذب الكلام وصدق نطقــــــــــه *** لن تسمع حتى لعبق الشعر ما أنت له ناظــم
ليتك عدت و ليتك رايتهم هنيهـــــــــــة *** اشتاق لك الكل حتى من كنت يوما منه ناقـم
ليتك قبلت أطفالهم شابوا بعــــــــــــدك *** جيل عرفت و جيل آسف عاتب عليك ولائم
تمنى لقاءك و إن كنت بالنعش راقد *** قد يصلي في جنازتك أو لجثمانك هـو رادم
تألم الصغير والكبير لغربة قبــــــــــرك *** فحبس الشقيق دمعه و فؤاده لغيضه كاظـــــم
للبقاء عندهم دفعت باهض الجزيـــة *** استأجرت شبرا لجثتك وأنت حي سالـــــــم
استخصروا فيك ترابهم إن ضمــــــــك *** ما أنت في الحياة أو الممات بأرضهم ناعــم
ابن العربية الجزائرية صــــــــــرح بهـا *** ما عرفت قدرها تأخرت فأنت اليوم نـــادم
هي ام الشهداء حبيبتي و حبيبتكـــــــم ***حسامها شباب على العدو الغاشم كان حـازم
عشق حضنها ما له عنه تبديــــــــــــــــــل *** هيهات فانه في أمر حبها و عزها حاســـــم
اقسم أن يكون أسيرا في أرضــــــــــــــــها *** لن يحيد عن عهده لها مادام يسبح الدائـــــم

الاستاذة بوران بختة